يكتسب تاريخ العلاقات بين المغرب وأفريقيا بُعداً جديداً مع صدور كتاب "نداء القارة" لجوسلي نغوما. يكشف هذا التحليل المعمّق كيف قامت ثلاثة أجيال من الملوك المغاربة بنسج روابط لا تنفصم مع القارة الأفريقية، محوّلين المملكة تدريجياً إلى فاعل رئيسي في التنمية الأفريقية الشاملة.
تجد الرؤية الأفريقية للمغرب جذورها في التزام الملك محمد الخامس، الذي طبع التاريخ بجعل المملكة معقلاً للكفاح ضد الاستعمار. في وقت كانت فيه أفريقيا تبحث عن طريقها نحو الاستقلال، أرسى العاهل المغربي أسس سياسة أفريقية قائمة على التضامن والدعم المتبادل.
تعززت هذه الديناميكية في عهد الملك الحسن الثاني، الذي كان يرى المغرب "كشجرة جذورها في أفريقيا وأوراقها تتنفس في أوروبا". تميز عهده بمشاركة مباشرة في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية ودعم فعال لحركات التحرر، خاصة من خلال إقامة روابط وثيقة مع نيلسون مانديلا.
دفع الملك محمد السادس بهذه العلاقة التاريخية نحو آفاق جديدة من خلال إطلاق استراتيجية طموحة للتعاون بين دول الجنوب. "أفريقيا تمثل المستقبل الذي يبدأ اليوم"، يؤكد العاهل الحالي، الذي تتجسد رؤيته في أكثر من 40 اتفاقية شراكة مع دول أفريقية، معززاً التنمية الاقتصادية المتبادلة بدلاً من النهج الأبوي.
يسلط كتاب نغوما الضوء على كيفية تشكيل هذا الاستمرار الملكي لسياسة أفريقية متماسكة ومتطورة. تشمل الاستراتيجية المغربية اليوم مجالات متنوعة كالدبلوماسية الدينية والأمن الإقليمي والتنمية الاقتصادية، مما يضع المملكة كجسر حيوي بين أفريقيا وبقية العالم.
في سياق تشهد فيه أفريقيا تحولات عميقة، يقدم "نداء القارة" منظوراً فريداً لبناء علاقة تتجاوز المصالح الدبلوماسية البسيطة. يوضح هذا التحليل المفصل كيف ساهمت الرؤية المتعاقبة للملوك الثلاثة في ظهور نموذج جديد للتعاون الأفريقي المشترك، حيث يلعب المغرب دور المحفز للوحدة والازدهار في القارة.
الكتاب متوفر الآن على أمازون، ويقدم للقراء غوصاً موثقاً في هذا التاريخ المشترك الذي يواصل تشكيل مستقبل العلاقات الأفريقية المغربية.