توقفت الحياة في شوارع تل أبيب مع انطلاق صفارات الإنذار في تمام الساعة العاشرة، إيذانًا ببدء دقيقتي صمت في جميع أنحاء إسرائيل إحياءً ليوم ذكرى المحرقة. في مشهد يتكرر كل عام، لكن هذا العام دلالات جديدة في ظل استمرار الحرب في غزة واحتجاز عشرات الرهائن.
توقفت السيارات في أماكنها، وترجل السائقون ووقفوا في صمت، بينما خيمت أجواء الحداد والرهبة على المدينة. في تلك اللحظات، لم يكن الماضي وحده حاضرًا، بل امتزجت ذكرى ستة ملايين يهودي قضوا في المحرقة مع جراح الحاضر، حيث لا تزال عائلات إسرائيلية تنتظر عودة أحبائها من الأسر في غزة.
في مراسم رسمية أقيمت في ساحة غيتو وارسو بمتحف "ياد فاشيم" في القدس، ألقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كلمة مؤثرة استحضر فيها مأساة المحرقة، قائلاً:
"بعد المحرقة، كنا كالغبار الذي تذروه الرياح. اليوم لدينا دولة، لدينا جيش، لدينا قوة أمنية، لدينا جنود بروح قتالية شرسة. إذا اضطررنا للوقوف وحدنا، سنقف وحدنا. إذا اضطررنا للقتال بأظافرنا، سنفعل ذلك، لكننا لن نستسلم."
لم يكتفِ باستحضار الماضي، بل ربطه مباشرة بالحاضر. وشدد على أن "حماس اليوم مثل النازيين بالأمس، هدفهم القضاء علينا، لكن ذلك لن يحدث. سنواصل الضغط العسكري حتى القضاء على قدرة حماس وإعادة جميع الرهائن". كما أكد أن إسرائيل لن تسمح لأي جهة خارجية بتقييد قدرتها على الدفاع عن نفسها، حتى لو اضطرت للوقوف بمفردها في مواجهة التهديدات
الرئيس إسحاق هرتسوغ في كلمته إلى استخلاص الدروس من المحرقة، قائلاً: "مثلما انتصرنا قبل 80 عامًا، سننتصر اليوم أيضًا". أما الناجون، فقد عبروا عن ألمهم لرؤية التاريخ يعيد نفسه، مستذكرين مآسيهم الشخصية ومقارنين بين معاناة الأمس ومعاناة الأسرى اليوم.
تضمنت المراسم إضاءة ست شعلات رمزية تمثل أرواح الملايين الذين أبادهم النازيون، وتلاوة صلوات وكلمات من الناجين وأهالي الأسرى. في بولندا، سار الآلاف في "مسيرة الأحياء" من أوشفيتز إلى بيركيناو، بمشاركة ناجين وعائلات ضحايا هجمات 7 أكتوبر، في رسالة ضد النسيان والكراهية.