خلال الأيام الـ148 التي تلت التوصل إلى وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية، قتل الجيش الإسرائيلي نحو 140 عنصراً من حزب الله من رتب مختلفة، أي بمعدل عنصر واحد في اليوم. هذا الرقم، إلى جانب نظرة عامة إلى حجم النشاط العسكري في الجنوب اللبناني، يدل على أن إسرائيل تأخذ على محمل الجد السياسة التي تم تحديدها، عشية الاتفاق الذي تم توقيعه، بعد عام على تبادُل الضربات والدمار الواسع في بلدات خط التماس، وعملية برية أودت بحياة خيرة شبابنا: سيتم القضاء على أيّ محاولة للتعاظم من حزب الله.
تميزت الأيام الأخيرة بهجمات مركزة على الجنوب اللبناني. ومن بين الذين تم قتلهم حسين علي ناصر، نائب قائد الوحدة 4400 في حزب الله، والذي عمل على تهريب الأسلحة والأموال إلى لبنان، بالتعاون مع عناصر إيرانية. كذلك، تم اغتيال حسن عزّت محمد عطوي، القيادي في "الجماعة الإسلامية" المرتبطة بـ"حماس" في لبنان، والذي خطط لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل، وكان ضالعاً بإطلاق صواريخ. بالإضافة إلى ذلك، هاجم الجيش الإسرائيلي عدداً من منصات إطلاق الصواريخ وبُنى تحتية تابعة لحزب الله في منطقة النبطية. أيضاً تم استهداف مسؤول الهندسة في الحزب في منطقة العديسة.
هذا كله يشير إلى أن الشائعات بشأن انهيار حزب الله كانت سابقة لأوانها. فالتنظيم الذي فقد قياداته العليا في سلسلة اغتيالات غيّرت ملامح المعركة، يعمل الآن على تهريب السلاح والأموال، بعضها عبر مطار بيروت الدولي. ولم يتخلَّ عن جهوده في تصنيع طائرات من دون طيار، وغيرها من القدرات العسكرية، محلياً؛ أدرك حزب الله أنه سيواجه صعوبة في إخفاء تعاظُمه العسكري، لذلك، يحاول نقل السلاح من المناطق التي يخاف من استهدافها مباشرة.
على المستوى الاستراتيجي، تشير التقديرات إلى أن التنظيم يحاول إعادة بناء منظومة القيادة والسيطرة، بما في ذلك إعادة هيكلة رتب القيادة والمقرات الإقليمية وقادة الألوية والميدان، كخطوة أولى لإعادة بناء القدرات العسكرية، ولا سيما في وحدة الرضوان، قوة النخبة التي كانت مخصصة لاحتلال بلدات إسرائيلية، وخرجت من الحرب مجروحة ومُنهكة. كذلك، يشغّل حزب الله بنى تحتية اقتصادية داخلية ("مسارات تمويل") تتيح تدفُّق الموارد على الرغم من الضغوط الاقتصادية في لبنان والقيود التي فرضها المجتمع الدولي.
لا يكتفي الجيش الإسرائيلي برصد هذه التطورات، بل يتخذ إجراءات لمنع تحوُّلها إلى تهديد جديد. يضاف إلى ذلك التغيير الذي طرأ على موقف الدولة اللبنانية والجيش اللبناني. واستناداً إلى مصدر عسكري إسرائيلي رفيع: "فلا يزال الوضع في طور التشكّل، ويجب أن نتحرك باستمرار كي لا نسمح للوحش بأن يكبر من جديد"، مضيفاً: "هناك عدد غير قليل من المناطق التي يفرض فيها الجيش اللبناني سيطرة أكبر مما كنا نظن قبل وقف إطلاق النار، لكننا سنرغب دائماً في المزيد".
وعلى الرغم من أن الشهية الإسرائيلية لم تُشبع، فإن الأجواء في لبنان لم تعد مثلما كانت. لقد أثارت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ردات فعل غاضبة داخل لبنان – لكن ليس ضد الجيش الإسرائيلي؛ إذ اتّهم مدونون وصحافيون محليون حزب الله بجرّ البلد إلى مواجهات غير ضرورية، وأعربوا عن خشيتهم من تصعيد جديد.
الرئيس اللبناني جوزف عون يرغب في نزع سلاح حزب الله ودمج قواته في الجيش اللبناني، إلّا إن قيادات في الحزب تعارض هذا المطلب، لكنها تضطر إلى السير بين النقاط، وخصوصاً بعد تراجُع تأثير المحور الإيراني. وفي الوقت الراهن، يبدو كأن حزب الله يتطلع أيضاً إلى المحادثات بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، فإذا جرى التوصل إلى توقيع اتفاق نووي، فإنه يمكن أن يعيد للحزب بعض الزخم الذي خسره على يد إسرائيل.
الشائعات بشأن انهيار حزب الله سابقة لأوانها
أضيف بتاريخ 04/24/2025
المحلل العسكري يوسي يهوشع | يديعوت أحرونوت