في قلب حي نويكولن ببرلين، تتجلى قصة مثيرة للاهتمام تكشف عن نموذج اقتصادي جديد يتبناه الشباب الألماني. أربعة أصدقاء في الثلاثينات من عمرهم - لورا، مادرو، يانا، ولوكا - قرروا كسر القواعد التقليدية للتعامل مع المال من خلال تطبيق مفهوم "الاقتصاد المشترك" أو ما يُعرف باسم "جيموك".
يقوم هذا النظام على مبدأ بسيط لكنه ثوري: تحويل جميع رواتبهم إلى حساب مشترك، ليستخدموه جميعاً حسب احتياجاتهم، بغض النظر عن مساهمة كل فرد. هذا النموذج، الذي نشأ في الأوساط اليسارية الألمانية، يتجاوز فكرة المشاركة السكنية التقليدية ليصل إلى مشاركة كاملة للموارد المالية.
خلال عامين فقط، نجح الأصدقاء الأربعة في ادخار 15,000 يورو، مما مكّنهم من تمويل مشاريع طموحة مثل رحلة يانا ولوكا إلى جزر غالاباغوس. يجتمعون كل ستة أسابيع لمناقشة قراراتهم المالية، مع قاعدة أساسية: أي مصروف يتجاوز 100 يورو يحتاج موافقة الجميع.
لكن التجربة تتجاوز مجرد المشاركة المالية. يقول لوكا: "نحن ننظم حياتنا معاً إلى الأبد من حيث المبدأ". هذا النموذج يوفر شبكة أمان اجتماعية في عصر تتوالى فيه الأزمات، وتبدو فيه آفاق التقاعد المريح أو امتلاك منزل بعيدة المنال للكثيرين.
في برلين وحدها، ظهرت العديد من مجموعات "جيموك" المماثلة. روبن، شابة تبلغ من العمر 25 عاماً، تشارك في مجموعة من سبعة أعضاء موزعين في أنحاء ألمانيا. رغم المسافات، نجحوا في تطوير نظام رقمي لإدارة مواردهم المشتركة.
"الأهم بالنسبة لي هو معرفة أن هذه المجموعة ستكون دائماً موجودة من أجلي"، تقول روبن. هذه الكلمات تلخص جوهر التجربة: ليست مجرد مشاركة مالية، بل نموذج جديد للتضامن الاجتماعي في عالم متغير.