في حوار علمي مميز يجمع بين عالمتي الرياضيات ناتالي هاي وكلير لومي، نكتشف أن الرياضيات ليست مجرد علم مجرد، بل هي لغة عالمية تجمع بين الفن والإبداع والفهم العميق للكون من حولنا.
تؤكد كلير لومي، مؤلفة كتاب "عالمة رياضيات في الحديقة"، أن الرياضيات متجذرة في كل ما يحيط بنا. فمن ندف الثلج الهندسية إلى الحلزونات في مخاريط الصنوبر، نجد أن الطبيعة تتحدث لغة الرياضيات بطلاقة. وتشدد على أن هذا العلم ليس حكراً على النخبة، بل هو متاح للجميع ويمكن أن يكون مصدراً للبهجة والدهشة.
وفي السياق ذاته، تناضل ناتالي هاي لكسر الصور النمطية التي تحصر الرياضيات في فئة معينة. فهي ترى أن تنوع الخلفيات والتجارب يثري هذا المجال ويفتح آفاقاً جديدة للفهم والإبداع. وتشير إلى أن الرياضيات تلعب دوراً محورياً في تنظيم التفكير وتوسيع آفاق العقل.
ويضيف هوغو دومينيل-كوبان، الحائز على ميدالية فيلدز المرموقة، بعداً آخر للنقاش حين يتحدث عن أهمية الحدس في الرياضيات. فهو يشبه العمل الرياضي برحلة استكشافية في عالم غامض، حيث يقود الحدس الخطوات الأولى قبل أن يأتي البرهان المنطقي ليؤكد صحة الفرضيات.
وخلافاً للصورة الباردة التي يحملها البعض عن العلوم "الصلبة"، تصف المتحدثات الرياضيات كعلم إنساني عميق، يقوم على التعاون والتبادل والمشاعر. فهو أشبه بحرفة يدوية تمزج بين العقل واليد والقلب، مما يجعله تجربة إنسانية غنية ومتكاملة.
إن هذا الحوار العلمي الثري يدعونا لرؤية الرياضيات من منظور جديد - ليس كمادة دراسية مخيفة، بل كمفتاح سحري يفتح أبواب فهم العالم بحساسية وإبداع، متجاوزاً الحدود الثقافية والاجتماعية.
المصدر: برنامج "حول السؤال: هل العالم مكتوب بلغة الرياضيات؟" مع ناتالي هاي وكلير لومي