في تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، نستكشف كيف أن العصر الرقمي الذي نعيش فيه يضخم التطرف ويزعزع كل معاييرنا السياسية، تاركاً إيانا عالقين في نوع من الحنين إلى الماضي.
إن رفض دونالد ترامب الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية السابقة كان يجب أن يكون كافياً لاستبعاده من المشهد السياسي. لكن ما قيمة كل هذه "الافتراضات" أمام واقع ما يفعله بالفعل؟ فما كان يُعتبر بديهياً في الديمقراطية الدستورية لم يعد كذلك لملايين الأمريكيين.
لقد ساهم مزيج من الركود الاقتصادي والانقسام الثقافي والثورة التكنولوجية في تعزيز قوة ترامب وتأثيره. ما يميز هذه المرحلة حقاً هو تحول الأحزاب السياسية إلى صوامع أيديولوجية معزولة عن بعضها البعض. في الماضي، كانت هناك مؤسسات وقواعد للنقاش، وحقائق معترف بها من الجميع.
في العصر الرقمي، أصبحت منصات النقاش أدوات للتطرف، حيث تتحول الاختلافات في الرأي إلى خصومات لا يمكن التوفيق بينها. المجتمع المعاصر، بأفراده النشطين على الإنترنت وقدرتهم المتناقصة على التركيز، أصبح أرضاً خصبة للديماغوجيين أكثر من أبطال الديمقراطية التمثيلية.
حركة "MAGA" مثال على كيف تحولت الانتخابات إلى مجرد صرخة غضب أو نشوة تحرر. لم يقدم ترامب التصويت كخيار مدني يسمح بأكثر من نتيجة شرعية واحدة. هذا النهج يتعارض مع أسس التصويت الديمقراطي.
رغم أن مقارنة ترامب بالفاشية قد تبدو مغرية، إلا أن هذا التوصيف فقد قوته بسبب الاستخدام المفرط. لكن هذا لا يعني أن المقارنة مع عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي غير ذات صلة.
الحقيقة المؤلمة لمؤيدي الديمقراطية الليبرالية هي أن هذا الشكل من الحكم لم يتجدد حقاً منذ بلوغه ذروته في نهاية القرن الماضي. نحن جميعاً، مثل القوميين، عالقون في نوع من الحنين إلى الماضي، نأمل أن يتوافق المستقبل مع الماضي.
المصدر: صحيفة الغارديان البريطانية
كاتب المقال: رافائيل بهر