يشهد العالم تحوُّلاً جذريًّا في نظرته للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة عشيَّة الانتخابات الرِّئاسيَّة لعام 2024 فبينما ينظر إلى كامل هاريس كرمز للاستمراريَّة، يعتبر دونالد ترامب تجسيدًا للفوضى في السِّياسة الخارجيَّة الأمريكيَّة.
لكن ما يلفت الانتباه هو إدراك العواصم العالمية لحقيقة أعمق: أن عصر الهيمنة الأمريكية المطلقة قد ولّى، بغض النظر عمن سيفوز في هذه الانتخابات. فرغم أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال الأكبر عالمياً، إلا أن قدرة واشنطن على فرض إرادتها تتراجع تدريجياً.
وتكشف استطلاعات بلومبرغ في مختلف أنحاء العالم عن مزاج حذر وبراغماتي، خاصة في ظل المخاوف من حرب تجارية محتملة مع الصين. فالعديد من الدول تحتفظ بخطط طوارئ للرد على أي تصعيد في التعريفات الجمركية.
وفيما يتعلق بالقضايا الساخنة، يبرز الملف الأوكراني كتحدٍ رئيسي. فبينما تتعهد هاريس بمواصلة الدعم، يؤكد ترامب عزمه إنهاء الحرب خلال 24 ساعة. أما في الشرق الأوسط، فتختلف مقاربة المرشحين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وملف إيران النووي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يثير احتمال زيادة السياسات الحمائية قلق المصارف المركزية والاقتصاديين. فترامب يدعو لفرض تعريفات جمركية شاملة قد تصل إلى 60% على الواردات الصينية، بينما تميل هاريس لمواصلة سياسات بايدن المعتدلة نسبياً.
وفي آسيا، تبقى العلاقة مع الصين وأمن تايوان من أبرز التحديات. فكلا المرشحين يؤكدان أهمية حماية المصالح الأمريكية، لكن بأساليب مختلفة. وأخيراً، تحتل قضية الهجرة أولوية متقدمة في أجندة المرشحين، مع تباين واضح في المقاربات المقترحة.
يبدو جلياً أن العالم يستعد لمرحلة جديدة من العلاقات الدولية، حيث تتراجع الهيمنة الأمريكية لصالح نظام متعدد الأقطاب، مما يفرض على جميع الدول إعادة حساباتها الاستراتيجية.