بعد 358 يومًا من التَّخلِّي وأكثر من 50 أسبوعًا منذ ذلك السَّبت الأسود ، على كابوس آخر ، أفكِّر في عوفر : هل يسمع عن المعركة في لبنان ؟ عن اغتيال نصر اللَّه ؟ ماذا يفكِّر؟! ليس على أن أخمِّن كثيرًا سمعت من ولدي اللَّذان اختطفا وعادا ، سهرًا وإيريز ، وسمعت أيضًا من أسرى آخرين عادوا : عوفر والأسرى الآخرون يفهمون أنَّ رئيس الوزراء تخلَّى عنهم . سمعته يعلن في الأمم المتَّحدة أمام مقاعد فارغة أنَّ عودة الأسرى هدف مقدَّس – - وفي الوقت نفسه - أقرَّ عمليَّة اغتيال دراماتيكيَّة لا نعرف إلى أين ستؤدِّي .
نصر اللَّه هو أحد الأعداء الرَّئيسين الَّذين تلطَّخت أيديهم بأكبر قدر من الدِّماء ، ليس لى شك على الإطلاق في أنَّ العالم أفضل بدونه - ولكن بدون الأسرى ال 101 الَّذين ظلُّوا في أيدي مسلَّحي حماس لمدَّة عام تقريبًا العالم ليس جيِّدًا ، كما أنَّ العالم لم يتحسَّن هذا الصَّباح بالنِّسبة لابني إيريز ، الَّذي من المفترض أن يحتفل بعيد بلوغه في الأيَّام المقبلة حيث يعرف جيِّدًا - لأنَّه رأى بأمِّ عينيه وعاش بنفسه - أين يوجد ولهذا الآن . سمعنا السَّيِّد تخلِّي نتنياهو يتحدَّث عن النَّصر مرَّةً أخرى ، ومن المحتمل أنَّ عوفر والأسرى المئة الآخرين سمعوا أيضًا ، وقالوا لا توجد ولن تكون صورة نصر بدونهم ! لا الأسرى ولا لعائلاتهم ، ولا لسكَّان الجنوب والشَّمال ، ولا للمصابين الجسديَّين والنَّفسيِّين الكثير – لن يكون هناك نصر ولا تأهيل قبل أن يعودوا .
طوال العام الماضي وحتَّى الأيَّام طرحت على الطَّاولة مقترحات وخططًا كثيرةً ومتنوِّعةً ، لكنَّ نتنياهو انشغل بالباب بتخريبها مرارًا وتكرارًا ، أنَّ انتصاره المطلق على الحفاظ على ائتلافه ليس انتصارنا المطلق ، ولا أقصد فقط عائلات الأسرى وأكثر من مائة إسرائيليّ تمَّ التَّخلِّي عنهم والتَّضحية بهم حتَّى الموت في غزَّة لدى حماس .
لا يوجد إسرائيلي واحد هنا يستطيع أنَّ على بالنَّصر ، على افتراض أنَّ الرُّوح الإسرائيليَّة والقيم اليهوديَّة هي وجهته وطريقه الَّتي يسيِّرها . لذا ؛ أعتذر أنِّي لا أشارك فرحة الاغتيال بينما والد أبنائي يئنُّ ويتألَّم ويعد السَّاعات والأيَّام ووقته ينفد ، نطالب باستعادته ، وليس في كيس أسود ! نريده أنَّ على قادرًا على معانقة ابنه في حفل بلوغه ، وأن يعرف أنَّه محبوب ويتمُّ الاعتناء به هو والأسرى الآخرين . كنَّا متحفِّظين للغاية . يسألني أطفالي كلَّ يوم عن سبب غياب والدهم الرَّائع عن المنزل لمدَّة عام كامل . لا في أيَّام الأعياد ، ولا في حفل بلوغ ، ولا في الصَّباح ولا في اللَّيل . ما زالوا لا يفهمون - بشكل كامل - كلمتي " التَّخلِّي " و " التَّضحية " ، لكن إذا لم نعد الأسرى - فعندما يكبرون هم وبقيَّة أطفال البلاد سيفهمون - بالتَّأكيد - معنى كلمة " خيانة " .
محن في شهر أيلول ، شهر الرَّحمة والغفران ، شهر البحث عن الذَّات على المستوى الشَّخصيِّ والوطنيِّ ، سأعتذر عن أنَّنا كنَّا مؤدَّبين للغاية ، ومنضبطين للغاية ، ورسميِّين للغاية إنَّني أدعوك يا سيِّد نتنياهو إلى أن تفعل ما لم تفعله حتَّى الآن : أن تتَّصل بأهالي الأسرى الَّذين ضحِّيت بهم وتعتذر لهم مرَّتان - مرَّة عن حقيقة أسرهم بفضل أكبر فشل في تاريخ إسرائيل ، الَّذي ختمك عليه ، ومرَّة أخرى لعدم القيام بأيِّ شيء لإعادتهم ، لقد حان الوقت للبحث عن نفسك ، يا رئيس الوزراء ، إذا لم تتمكَّن من إعادة الأسرى ال 101 المتبقِّين - غادر مكانك الآن لشخص يستطيع ذلك . وعلى عكس ما وصفته في خطابك ، فإنَّ 7 أكتوبر لم يكن لعنةً من السَّماء ، أنتم وحكومتكم تتحمَّلون مسؤوليَّة هذا الفشل الفادح ، الَّذي تسبَّب بضرر فادح في الجسد والرُّوح .
عرض السَّيِّد نتنياهو خريطتين – خريطة النِّعمة وخريطة اللَّعنة ، ونحن نعرف خرائط أخرى : خريطة البركة الَّتي يعود فيها جميع الأسرى ال 101 إلى ديارهم إلى عائلاتهم وأرضهم وديارهم والأموات لدفنهم بطريقة مشرِّفة - وخريطة اللَّعنة الَّتي يعود فيها 101 تابوت اسودَّ للدَّفن ، دليل على الإهمال والتَّخلِّي الَّذي سيصبح الإرث الَّذي ستتركه خلفك لأولادي وأبنائك وأحفادك ، تراث الدَّم ،
المصدر : إسرائيل اليوم | الكاتب : هاداس كالديرون
هدَّاس كالديرون / / أمُّ أبناء عوفر كالديرون ، الأسير لدى حماس .