في قصة تشبه روايات الكنوز المفقودة، عادت لوحة مائية نادرة للفنان البريطاني العظيم جيه إم دبليو تيرنر إلى الحياة بعد عقود من النسيان. اللوحة التي تصور مشهداً ساحراً لمدينة البندقية من البحيرة، والتي ظلت مخبأة في منزل عائلة بريطانية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، كشفت عن نفسها بطريقة عصرية تماماً - عبر خدمة التقييم الإلكتروني لدار كريستيز للمزادات.
بدأت القصة عندما قرر المالك الحالي تصوير اللوحة وإرسالها إلى خدمة "طلب تقييم" عبر الإنترنت. وعلى الرغم من جودة الصورة المتواضعة والزجاج الملون الذي يحمي العمل الفني، استطاعت روزي جارفي، المتخصصة في الرسومات والألوان المائية البريطانية في كريستيز، أن تلمح فوراً لمسات الفنان المميزة. ضربات الفرشاة القوية، والخطوط الاقتصادية، ولوحة الألوان الفريدة، كلها أشارت إلى توقيع تيرنر الفني الذي لا يُخطئه الخبراء.
وما زاد من روعة الاكتشاف أن معظم أعمال تيرنر المائية محفوظة في المجموعات الوطنية البريطانية منذ وفاته في 1851. وقد أكد الخبير بيتر باور أصالة العمل من خلال فحص الورق المستخدم، والذي تطابق مع أوراق استخدمها تيرنر في لوحات بندقية أخرى.
وبين ليلة وضحاها، تحولت اللوحة من قطعة فنية منسية إلى كنز ثمين تتراوح قيمته بين 300 و500 ألف دولار. وستعرض هذه التحفة في مزاد كريستيز للرسومات القديمة والبريطانية في نيويورك في الرابع من فبراير القادم.
هذا الاكتشاف المذهل يؤكد أن الفن العظيم لا يموت أبداً، وأن روائع الماضي يمكن أن تظهر في أي لحظة، حتى في عصرنا الرقمي. كما يبرهن على عبقرية تيرنر في تصوير مدينة البندقية، حيث استطاع أن يلتقط سحرها الخاص وضوءها المتفرد بمهارة لم يضاهها أحد.