في شوارع لندن الهادئة، نشأت فتاة سورية-بريطانية تدعى أسماء الأخرس، عُرفت باسم "إيما" بين زملائها في المدارس الخاصة. حياة مثالية رسمتها بجدارة: تفوق في كينجز كوليج، مسيرة مهنية لامعة في عالم المصارف، وشخصية كاريزمية جذبت الأنظار. لكن قدرها كان على موعد مع التاريخ حين التقت بطبيب العيون الشاب بشار الأسد في لندن.
"الحياة ليست ما نعيشه، بل ما نختار أن نكون عليه" - مقولة تلخص مسيرة أسماء الأسد من قمة المجتمع البريطاني إلى منفى موسكو.
تحولت أسماء من مصرفية طموحة إلى سيدة سوريا الأولى عام 2001، حاملة معها آمال التغيير والتحديث. صورتها العصرية وخلفيتها الغربية جعلت منها واجهة مثالية لنظام سعى للانفتاح على العالم. استقبلتها قصور أوروبا، من الإليزيه إلى باكنغهام، وتغنت بها المجلات العالمية كـ"وردة الصحراء".
لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن. فمع اندلاع الحرب السورية، تبدلت الصورة الناعمة إلى واقع قاتم. تحولت السيدة الأولى المتألقة، التي كانت تدير مؤسسات خيرية لدعم الشباب، إلى شخصية مثيرة للجدل. في وقت كان السوريون يعانون تحت القصف، كانت طلبات أحذية لوبوتان الفاخرة تُرسل إلى قصرها من متجر هارودز اللندني.
اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد، تجد أسماء نفسها في منفى روسي، تحت طائلة تحقيقات بريطانية في جرائم حرب. منزل عائلتها في حي أكتون اللندني مهجور، ستائره مسدلة، وحديقته مهملة، كأنه يروي قصة سقوط مدوٍ لتلك المصرفية البريطانية اللامعة التي اختارت مصيراً لم يكن في الحسبان.