يكشف الفيلم الوثائقي الجديد "ستاند أب: ثورة الضحك" الذي يُعرض على قناة آرتي، عن عالم الكوميديا المعاصر بأبعاده المتعددة. هذا العمل الذي أخرجه غيوم أورينياك يأخذنا في رحلة عبر ثلاث حلقات تستكشف تطور فن الستاند أب كوميدي، الذي ولد في الولايات المتحدة قبل أكثر من قرن.
يبدو الستاند أب للوهلة الأولى بسيطاً: كوميديان وحيد على المسرح، لا يملك سوى ميكروفون وحس الدعابة. لكن هذه البساطة الظاهرية تخفي وراءها تعقيدات عميقة وعلاقة متوترة بين الفنان وجمهوره.
تبدأ الحلقة الأولى برصد نشأة هذا الفن في أمريكا وانتشاره عالمياً بفضل الإنترنت، مروراً بتجارب مثيرة في مناطق النزاع مثل أوكرانيا. نشاهد لقطات نادرة لنجوم مثل جيم كاري في بداياته، تُظهر العلاقة الحميمة بين الكوميديان وجمهوره.
تركز الحلقة الثانية على الحضور النسائي في عالم الستاند أب، وكيف استطاعت الكوميديانات مثل بلانش غاردان وهانا غادسبي كسر الحواجز وطرح قضايا المرأة بأسلوب جريء وساخر.
أما الحلقة الثالثة فتتناول الجذور المهمشة للستاند أب في المجتمعات اليهودية والأفريقية الأمريكية. نرى كيف تحول هذا الفن إلى منصة للتعبير عن الهوية والنقد الاجتماعي، من ريتشارد برايور الذي انتقد عنف الشرطة، إلى ديف شابيل الذي أثار جدلاً حول مجتمع الميم.
يظهر الوثائقي كيف أصبح الستاند أب ساحة للمواجهة الثقافية والاجتماعية. فنانون مثل مصطفى الأتراسي يلعبون بذكاء على وتر الصور النمطية العرقية، محولين التحيزات إلى مادة كوميدية. لكن هذه الحرية في التعبير قد تؤدي أحياناً إلى توترات بين المجتمعات المختلفة.
رغم أن مدة العمل - ثلاث حلقات من عشرين دقيقة - قد تبدو قصيرة لموضوع بهذا العمق، إلا أن الوثائقي ينجح في تقديم نظرة شاملة عن فن الستاند أب كظاهرة اجتماعية وثقافية متنامية. إنه عمل يستحق المشاهدة لفهم كيف يمكن للكوميديا أن تكون أداة للتغيير الاجتماعي والحوار بين الثقافات.